دولة محمد صلى الله عليه وسلم (دولة الاسلام وكل ما تريد ان تعرفه عنها ) الجزء الاول



اخواتى الكرام فى ظل ما يحدث من ثورات الشعوب على الحكام 
اجد بداخلى شغف كبير للمعرفة والتعرف على الدولة التى قادهاالنبى صلى الله وعليه وسلم 

الجانب المدنى 
الجانب الاجتماعى 
الجانب الاقتصادى 
نحن احوج بالتعرف على هذه الدولة ودور هذا القائد لنتعلم منه صلى الله وعليه وسلم 
نتعرف على شكل المجتمع والدولة فى بداية نشاتها


دولة النبى صلى الله وعليه وسلم هى عبارة عن مجتمع مدنى 

نسمع عن دولة مدنية ودولة دينية 

دولة مدنية بمعنى "- أن الحاكم يستمد سلطته السياسية من الأمة أو الشعب.

أما في الدولة الدينية:- فإن الحاكم فيها يدعي أنه يستمد سلطته من الله أو من السماء ، وذلك ما ساد في العصور الوسطى باسم الحق الملكي المقدس في أوروبا ، وفي عصر الخلفاء غير الراشدين باسم " الحاكمية " 


نرجع لدولة النبى صلى الله وعليه وسلم


سيدنا محمدا عليه السلام نبيا كان مضهد من قومه في مكة وكان من وسائل إغرائهم له أن عرضوا عليه أن يكون حاكما فرفض .

ثم اضطروه للهجرة ومعه المسلمون ، فأقاموا دولة جديدة مدنية في يثرب ، عمادها أولئك الذين التفوا حوله وآزروه بعد أن كان في مكة مطاردا معرضا للقتل والاغتيال .. 
اذن هى دولة مدنية التف فيها الشعب حوله واستمد سلطته السياسية منهم 

لكن لماذا التف حوله الشعب مواصفات هذا القائد ؟

نجاح الدولة الاسلامية كان دليل على نجاح قائد هذه الامة 

قيام دولة التف فيها جموع المؤمنين حول النبى صلى الله وعليه وسلم حيث امنوا به واحبوه وتكاتفت جهودهم مع النبى فنشاءت الدولة بسواعد المؤمنين 

ولو افترضنا أن مشاعرهم تغيرت نحوه فانفضوا عنه وتركوه وحيدا لما أصبحت له دولة ولما كانت له سلطة ، ولعادت إليه قصة الاضطهاد والمطاردة التي كان يعانيها وهو بين أعدائه في مكة وقريش وبالتالي 


بالمنطق والعقل ندرك ان النبى استمد سلطته السياسية من أولئك الذين اجتمعوا حوله وساندوه . وهم يستطيعون التخلي عنه وتركه فيفقد سلطانه وتسقط دولته .. 

وبالتالى القران وضح لنا خلق هذا القائد العظيم 



مواصفات واخلاق هذا القائد 

كان صلى الله وعليه وسلم رءوفا رحيما بأولئك الذين تجمعوا حوله ، ولابد أن يتحبب إليهم وأن يجعلهم شركاء معه في الأمر لأنهم في الحقيقة مصدر ذلك الأمر ..
من منطق العقل الواعى بالنظر الى القرآن .. 



بل إن القرآن كله دعوة للتعقل واستعمال العقل 

" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ : يوسف 2 " 

" إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ : الزخرف 3 " 



فالنبي كان على خلق عظيم . 

* وكان بالمؤمنين رءوفا رحيما ، وذلك ما وصفه به ربه تعالى فقال عنه وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ : القلم 4 " 

وقال عن رحمته بأصحابه " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ : 
التوبة 28 1" 

" يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ :
التوبة 61 " 

.* وهذا الخلق العظيم سجية أودعها الله في نفس النبي فكان بأصحابه لينا سهلا متواضعا ، 

يقول تعالى " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ : آل عمران 159 " 


" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّه " أي بسبب رحمة الله .. 

لِنْتَ لَهُمْ " أي جعلك لينا سهلا متواضعا معهم .. 

وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " أي لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك عبارة واضحة لا تحتاج تفسيرا . 

ولكنها تحتاج إلى تدبر وتعقل ، بدليل أننا – نحن المسلمين – نقرؤها منذ أكثر من ألف عام ودون أن نتوقف مع مفهومها الواضح .. ومفهومها الواضح أنه لو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله ..
وحين ينفضون من حوله فلن يكون له سلطان ، ولن يكون له ملك ، ولن تكون له سلطة سياسية أو دولة .. 


اخواتى الكرام دولة النبى صلى الله وعليه وسلم دولة مدنية استمد النبى سلطته من المجتمع كما قلنا سابقا، من اجتماعهم حوله وحبهم له وإيمانهم به ، ولذلك جعله الله لينا معهم ،

ولو كان غليظ القلب لتركوه وانفضوا عنه وانفض عنه السلطان والحكم والدولة .. 

النبى صلى الله وعليه وسلم كان حاكما استمد سلطته من الامة وبالتالى الامة هي مصدر السلطات ، وذلك ما اكتشفه البشر ونفذوه بعد نزول القرآن بعدة قرون . 


لم يكن حاكما فقط بل كان نبيا حاكما .. ومع أن الوحي كان يأتيه من الله فأن هذه الصفة الفريدة لم تكن ركيزة لادعاء أنه يحكم بتفويض إلهي .


بل على العكس نزل نفس الوحي الإلهي يؤكد على النبي ويأمره بأن يكون سهلا ولينا حتى لا ينفض عنه أصحابه ويتركوه فيضيع سلطانه.

يأمره بأن يعفوا عنهم إذا أذنبوا إليه ويغفر لهم إذا أساءو

وأن يستشيرهم في الأمر لأنهم معه أصحاب الأمر فإذا عزم على التنفيذ باعتباره سلطة تنفيذية فعليه أن يتوكل على الله في التنفيذ " 

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 

" أي أن الوحي نفسه هو الذي يقرر النبي الحاكم أسس الدولة المدنية .. 

بناء هذه الدولة كيف تم ؟

اخواتى الكرام دستور هذه الدولة كان القران الكريم 

كانت الدعوة للاسلام من خلال العقل فكان القران هو المعجزة الوحيدة وهو يعتبر اكتفى بها الله عز وجل حتى يكون الايمان قائم على العقل 

حيث قال 
" وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)

أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ؟ : العنكبوت 50 "
بالتالى تم بناء الدولة الاسلامية بسواعد المؤمنين 
وبامر من الله بالاخذ بالاسباب وبذل قصارى جهدهم 

" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ : الأنفال 60 " 
مصدرية السلطة بمعنى 

وبالتالى البشر الذين يبذلون أقصى ما يستطيعون من قوة هم مصدر السلطات .. لأنهم الذين يبنون الدولة وهم الذين يحافظون عليها وهم الذين يسيرون أمورها .. وهذه هي الركيزة الأساسية في مصدرية السلطة .. والبشر هم مصدرية السلطة لأنهم هم الذين يقيمون الدولة وحركتها .. 



فى امم تالية وقف الخليفة أبو جعفر المنصور يعلن منهجه في الحكم فيقول أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه وخليفته في خلقه .. ) .. أي يحكم الناس بالتفويض الإلهي .. وبالتالي فإن من يعترض عليه يكون خارجا عن الدين ، وجزاؤه القتل بتهمة جديدة ابتدعوها هي حد الردة .. 

وعلى نفس المنهج سار تاريخ المسلمين في الدولة الفاطمية والعثمانية والمملوكية .. إلى أن استيقظت مصر في نهضتها الحديثة .. ثم خرج علينا تيار التطرف بنفس مفاهيم العصور الوسطى ، مفهوم الحاكمية وأن الحاكم يستمد سلطته من الله ، ولا اعتراض عليه ولا اعتراف بخصومه أو بالآخر مطلقا .. 


ومن هنا فإن تدعيم مفاهيم المجتمع المدني ليس جهدا علمانيا وإنما هو في الحقيقة خدمة للإسلام الصحيح الذي ظلمه التطرف والإرهاب .

اخواتى نتعرف على خطوات بناء هذه الدولة تفصيلا 

نحن فى حاجة ماسة للتعرف عليها لنفهم حقيقة الوضع الذى نحن فيه الان فى مجتمعاتنا الاسلامية 

دولة الاسلام الاولى كانت فى يثرب 

لماذا تم اختيار يثرب لتكون دولة الاسلام الاولى 
لماذا الهجرة إلى يثرب؟

الموقع الجغرافي للمدينة: إن الموقع الجغرافي لأية مدينة يعتبر من أهم العوامل التي تحدد مدى تطورها وازدهارها، 
يثرب تمتاز بموقعها الجغرافي على طريق تجارة الشام عصب الاقتصاد القرشي مجاورة لمنطقة حضارية عريقة في الشمال حيث التيارات المسيحية والثقافات الإغراقية 

توافر بنية اقتصادية متنوعة :- فهناك الزراعة التي تعتبر يثرب إحدى أهم واحاتها في الجزيرة العربية إلى جانب الطائف وعسير وحضرموت···

فهذه المناطق كانت تمتاز بخصوبة أراضيها ووفرة مياهها وكثرة وتنوع أغراسها وقد كان التطورالزراعي في يثرب حصيلة الخبرة الزراعية التي أتى بها اليهود من بلاد الشام من جهة والعرب التي هاجرت من بلاد اليمن من جهة ثانية 

أما فيما يخص النشاط الصناعي والحرفي فقد قامت في >يثرب< مجموعة من الصناعات خاصة تلك تعتمد على الإنتاج الزراعي المحلي· كما عرفت بعض الصناعات التعدينية كصناعة الأسلحة والآلات المستخدمة في الري والزراعة

وأخيرا فإن النشاط التجاري كان له حضوره أيضا بحكم موقع يثرب كنقطة على طريق الشام فضلا على أن فائض الإنتاج الزراعي والصناعي يقتضي تطوير أساليب التجارة لصرفه نحو الخارج·

من الناحية السياسية والاجتماعية:- كانت يثرب تعيش في ظل تنوع ديموغرافي ادى الى اختلال في موازين القوى لصالح اليهود على حساب العرب، كل ذلك في ظل غياب سلطة سياسية مركزية موحدة 

هذه هى طبيعة الدولة او المدينة التى وقع الاختيار عليها لتكون دولة الاسلام الاولى 

ماذا فعل القائد لهذه الدولة لتطويرها والرقى بها لتزدهر سنتعرف عليه


شكل المجتمع فى بداية نشاة الدولة كانت تتكون من 
من ثلاث طبقات 


‏1- المسلمين المهاجرين الذين هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم والأنصار الذين آووا ونصروا.
‏2- المشركين الذين لم يؤمنوا بعد من قبائل المدينة. 

‏3- اليهود وكان في يثرب منهم ثلاث قبائل بنو قينقاع وبنو النّضير وبنو قريظة




بالتالى بالمصطلحات الحديثة المتداولة الان 
كان هناك اربع مهام فى اجندة النبى صلى الله وعليه وسلم 

الاولى :- ‏تكوين مجتمع إسلامي بالمدينة يمثل الدعوة الإسلامية ويتكامل فيه التشريع والتقنين والتربية وتنهض فيه الحضارة والعمران والاقتصاد والسياسة ومسائل السلم والحرب. 
انشاء مجتمع متكامل المرافق والخدمات كما نقول 

‏2- دعوة مشركي المدينة إلى الإسلام وإيجاد صيغة للتعايش معهم حتى يدخلوا في الإسلام ويكفّوا أيديهم عن الكيد للمسلمين. 
‏3- مواجهة دسائس ومؤامرات اليهود وعتّوهم وفسادهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين. 
‏4- الإعداد والتجهيز للقوى المناوئة للإسلام خارج المدينة وعلى رأسها قريش فحالة الحرب واقعة يقينا بين هؤلاء الطغاة من أهل مكة وبين المسلمين في وطنهم الجديد


كيف بدء النبى صلى الله وعليه وسلم اولى مهامه ؟

اولى انجازات النبى داخل المدينة وادى الى تغيير جذرى فى الهيكل العمرانى للمدينة 

أولاً: بناء المسجد: كان بناء المسجد هو أول عمل باشره الرسول [ بعد دخوله يثرب 
وقد اختار له الموضع الذي بركت فيه ناقته وكان ملك لغلامين يتيمين من الأنصار في كفالة سعد بن زراة·

عرض عليه الغلامان أن يهباه له· لكنه عليه الصلاة والسلام أبى حتى ابتاعه منهما بعشرة دنانير وكان في المكان شجر غرقد ونخل وقبور قديمة فأمر الرسول [ بالشجر فقطع وبالقبور فنبشت· وتم بناء المسجد وجعل طوله مما يلي القبلة الى مؤخره مائة ذراع، وفي الجانب مثل ذلك أو دونه، ثم بني باللبن وجعل عمده الجذوع· وسقفه بالجريد · 

وجعلت قبلته في اتجاه الشمال، نحو بيت المقدس، قبل أن يأتي الأمر الإلهي بتغيير القبلة نحو مكة المكرمة سنة 2هـ >فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام<(البقرة، 143)

إن الأهمية الروحية للمسجد :- 

* باعتباره مجالا وفضاء ليس فقط للعبادة ولكن ليتلقى فيه المسلمون تعاليم الإسلام وتوجهاته، 

*ومنتدى تلتقي فيه وتتآلف العناصر القبلية المختلفة التي طالما نافرت بينها النزاعات الجاهلية وحروبها

*قاعدة لإدارة جميع الشؤون.

* وبرلمانا لعقد المجالس الاستشارية التنفيذية 

*ومع ذلك كله (مأوى) لعدد كبير من المهاجرين اللاجئين الذين لم يكن لهم دار ولا مال ولا أهل 




هذه الأهمية التي للمسجد يترجمها الجانب العمراني·

إذ لا يخفى أن المسجد الجامع الذي أسسه الرسول كان يحتل مركز المدينة ويشكل نواتها فمنه وإليه تمتد الشوارع والطرق الرئيسية في اتجاه ضواحي وأطراف المدينة

فقد أشارت الروايات التاريخية إلى طريق يمتد من المسجد ويتجه غربا حتى يصل إلى جبل سلع 

وطريق من المسجد يخترق منازل بني عدي بن النجار ويصل إلى قباء جنوبا ومن قبا وجد طريق يتجه شمالا إلى البقيع 

وعن هذه الشوارع تتفرع طرقات ثانوية لتسهيل التواصل بين مختلف أطراف المدينة وللإشارة فإن التوسع العمراني والامتداد المجالي للمدينة أديا إلى إقامة مساجد على مستوى الأحياء، وهي مساجد للصلوات الخمس فقط، فيما صلاة الجمعة كانت تقام في مسجد الرسول [ باعتباره المسجد الجامع.

وقد كان الرسول [ هو من يشرف على إنشاء هذه المساجد كما يتبين ذلك من حديث جابر بن أسامة حيث قال: لقيت رسول الله [ بالسوق في أصحابه فسألتهم أين يريد، فقالوا: اتخذ لقومك مسجدا، فرجعت فإذا قومي فقالوا خط لنا مسجدا وغرز في القبلة خشبة

هناك تخطيط عمرانى سنتعرف عليه 

تخطيط الاحياء السكنية 


حول المسجد الجامع أعطى الرسول انطلاقة إنشاء مجموعة من الأحياء، وذلك من خلال عملية تقسيم الأراضي الشاغرة التي وهبها له الأنصار ووضعوها تحت تصرفه عليه الصلاة والسلام لتوزيعها على المهاجرين قصد استوطانها·

فقد ذكر ابن سلام أن الرسول [ حين هاجر إلى المدينة جعل له أهلها :- كل أرض لا يبلغها الماء يصنع بها ما يشاء

وقد قام الرسول عليه الصلاة والسلام بتوزيع هذه الأراضي وفق نظام الخطط، حيث وضع لكل قبيلة خطة خاصة بها تاركا لها حرية التصرف في تقسيمها بين أفرادها وفقا لظروفها وإمكاناتها وحاجاتها·

وهكذا خط مثلا لبني زهرة من ناحية مؤخرة المسجد، ولعبدالرحمن بن عوف الحصن المعروف باسمه، وأقطع الزبير بن العوام بقيعا واسعا .

وقد أدت عمليات التخطيط هذه التي تعني في المدن الإسلامية الأولى حيازة موقع ما في منطقة معلومة بإذن من السلطات قصد إعماره 

أدت هذه العمليات إلى تجميع النسيج العمراني للمدينة بعد تعمير المجالات الفارغة التي كانت تفصل بين مختلف أحيائها·



من خلال طريقة توزيع الأراضي أو ما يمكن أن نسميه "بالسياسية العقارية"التي انتهجها الرسول 

يتبين على أنه عليه الصلاة والسلام أراد التوفيق بين اعتبارين أساسيين، متناقضين في الظاهر، لكن في واقع الأمر هما متكاملان تماما، ويؤديان وظيفة واحدة ضرورية وحيوية جدا لأية مدينة، ويتعلق الأمر بمسألة الاندماج الاجتماعي (Lintégration sociale) 

والاعتبارين اللذين سعا من خلالهما الرسول ، لتحقيق هذه الغاية، على الطريقة الإسلامية طبعا،، هما: من جهة تذويب الفوارق القبلية، والهويات القائمة على اعتبارات الدم والنسب والعشيرة، لصالح هوية جديدة تعلو فوق كل الهويات، هي هوية العقيدة بالنسبة للمسلمين فيما بينهم، وهوية المواطنة بالنسبة لسكان المدينة في عمومهم مسلمين، يهود كفار···

ومن جهة ثانية احترم الرسول [ الحساسيات القبلية والروابط العائلية التي كانت مستحكمة في البنية الاجتماعية العربية، وذلك في الحدود التي لا تتناقض فيه مع الهوية الجديدة للأمة، وهكذا تحققت وحدة المدينة على المستوى المجالي واندماجها على المستوى الاجتماعي بعد أن كانت وحدات متفرقة وأحياناً متناحرة دون كيان ولا هوية·

خلونا نواصل مسيرة هذا القائد العظيم 


إنشاء المرافق الاجتماعية والاقتصادية:
تتمثل أهم هذه المرافق فيما يلي:


1- السوق: في إطار اهتمامه بالجانب الاقتصادي والمعاشي للمسلمين، أنشأ لهم سوقاً خاصة بهم

تحكمها شروط وأخلاقيات جديدة (الصدق ، تحريم الربا والاحتكار والغش في المكاييل) خلافا للأسواق التي كان يسيطر عليها اليهود ويفرضون فيها شروطهم (الخراج على المتاجرة، التعامل بالربا، الاحتكار) 

وقد اختار الرسول [ مكانا قريبا من سوق بني قينقاع أقام فيه قبة كبيرة رمزا وعلامة يتجمع فيها المسلمون للاتجار فيها·
وقد اغتاظ اليهود من هذا التوجه الذي يروم الاستقلال الاقتصادي فقاموا بزعامة كبيرهم كعب ابن الأشرف بهدم القبة التي بناها الرسول الأكرم وقطعوا أطنابها·


الرسول [ لم يلتفت الى هذا السلوك الاستفزازي، وهذه المحاولة اليائسه من قبل عناصر اليهود المتعصبة، بل رد عليها عمليا فقال متحدثا عن كعب بن الأشرف وفعلته· 

والله لا ضربن له سوقا هو أغيظ من هذا

واختار مكانا فسيحا بأطراف المدينة بعيدا عن المحال السكنية وذلك باقتراح من أحد الصحابة الذي قال للنبي [ إني نظرت موضعا للسوق، أفلا تنظرون إليه؟ قال: >بلى< فقام معه [ فلما رأه أعجبه وركض برجله عليه السلام وقال: نعم سوقكم هذا ، فلا ينقصن ولا يضربن عليكم بخراج

وقد ظلت هذه السوق طيلة عهد الرسول [ وعهد الخلفاء الراشدين عبارة عن فضاء حر من دون بناء، يخضع في تدبيره لنظام >سنة المساجد< كما كان يقول الخليفة عمر

الأسواق على سنة المساجد، من سبق إلى مقعده فهو له حتى يقوم إلى بيته أو يفرغ من بيعه ولم يبدأ البناء في الأسواق إلا على عهد معاوية بن أبي سفيان الذي سن تأجير أماكن السوق·


الشوارع والطرقات: أولى الرسول اهتماما كبيرا للطرقات باعتبارها مجالا لحركة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية 

عمد الرسول [ إلى ربط كل أحياء المدينة بالمسجد الجامع من خلال شوارع رئيسة تفرعت عنها طرق فرعية تمتد إلى مختلف التجمعات السكنية لتسهيل حركة المرور داخل المدن، 

وقد كان عرض الطرق الرئيسة يقدر بين أربعة وخمسة أمتار 

بينما عرض الطرق الفرعية كان يقدر بين مترين وثلاث أمتار 

واعتبر الرسول [ الطريق واجبا وحقا لكل مواطن فمن حيث هي واجب، فلضرورة المساهمة فيها عند الاقتضاء 

باعتبارها نوعا من الارتقاء كما يستخلص ذلك من حديث في الصحيحين رواه أبو هريرة 

أن الرسول [ قال : إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع

وأما من حيث هو حق لأن استعماله مشاع بين الجميع ،

وقد جعل الرسول للطرق آداباً عامة:-
فقد أخرج أبو داود عن سهيل بن معاذ بن أنس الجهنمي عن أبيه

قال: غزوت مع الرسول [ غزوة كذا وكذا، فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث نبي الله [ مناديا ينادي في الناس ، من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له



كما دعا الرسول [ إلى إماطة الأذى عن الطريق، وبارك كل مساهمة في إصلاحها والاعتناء بها، جاء في سنن أبي داود عن ابن عمر أنه قال: 

مطرنا ذات ليلة ، فأصبحت الأرض مبتلة فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسط تحته فلما قضى رسول الله [ صلاته قال: ما أحسن هذا كما أخرج مسلم من حديث أبي برزة قال: 
قلت يا نبي الله علمني شيئا أنفع به، فقال ، اعزل الأذى عن طريق المسلمين·
المرافق العامة:-
استكمالا للعناصر الأساسية بالمدينة، أنشاء الرسول مجموعة من المرافق ذات وظائف حيوية، منها ما يستجيب للحاجات الأمنية والدفاعية مثل إقامة معسكرات بضواحي المدينة لتدريب الجدد كمعسكر الجرف أو معسكر أسامة

ومنها ما يتسجيب للحاجات الاجتماعية كمقدار العلاج والتطبيب، 
حيث أقام الرسول [ بعد رجوعه من غزوة الخندق خيمة بالمسجد لأجل التداوي، وقد كانت هذه المبادرة نواة ما سيعرف بالبيمارستاتات، 

كما أقيمت دور الضيافة لاستقبال الوفود كان أهمها دار عبدالرحمن بن عوف·

واتخذت مواضع لقضاء الحاجات تسمى المناصع

واختيرت مواضع للذبح بعيدا عن السكان،

وعين مكاناً لصلاة العيد المصلى

هذه هي أهم المنجزات العمرانية التي تحققت في المدينة المنورة بعد مقدم الرسول الأكرم إليها، بيد أن المدينة، أي مدينة ، لاتستكمل شروطها وعناصرها من خلال جوانبها المادية فقط، التي رغم أهميتها، تبقى مجرد هياكل جامدة ما لم تلتحم بها الجوانب الإنسانية في أبعادها الثقافية والنفسية، وهذه الأبعاد هي التي اهتم بها رسول الله [ في تنظيمه للحياة العامة في المدينة وذلك من خلال العناصر التنظيمية·

الاجراءات التنظمية التى قام بها النبى صلى الله وعليه وسلم

أولاً: تغيير اسم المدينة: لعل من اللافت للانتباه أن من بين ما قام به الرسول في المدينة تغيير اسمها من يثرب
إلى المدينة المنورة

فقد جاء في كتب السيرة أن النبي [ أمر بإهمال اسم يثرب

وحث على استعمال اسم >المدينة المنورة< بدلا منه، كما نسبوا إليه في هذا الصدد قوله: >يقولون يثرب وهي المدينة 

وكان عليه الصلاة والسلام لا يذكر كلمة يثرب أبدا، 

ويذكر أيضاً أن محمد بن الحسن بن ذبالة المعروف بالمديني نسبة إلى المدينة المنورة، روى أن النبي [ قد نهى عن استعمال اسم >يثرب<، وتذهب بعض المصادر إلى أن مجرد استعمال كلمة >يثرب< يعد خطيئة حيث روى الإمام أحمد حديثا جاء فيه: >من سمى المدينة >يثرب< فليستغفر الله ثلاثا<

لايتعلق الأمر هنا بمجرد إجراء شكلي أو مزاجي حاشاه [ بل إنها خطوة أساسية في الاستراتيجية التغييرية للرسول 

فاسم المدينة هو عنوانها الذي يختزل خصائصها التاريخية والثقافية والاجتماعية والنفسية وبالتالي فإن تغيير هذا العنوان هو محاولة لتغيير هويتها كما تتمثلها الذاكرة الجماعية لساكنيها·

من هنا فإن إعطاء اسم جديد للمدينة هو إيذان بميلاد مرحلة جديدة بخصوصيات جديدة، ومنذ البداية عمل الرسول 

على أن يتكرس هذا التوجه الجديد في الأذهان على اعتبار أن أي وحدة مجالية (الحي، المدينة أو القبيلة، الوطن··) لكي يكون لها كيان ووجود حقيقي لابد من أن يشعر مواطنوها بقوة الانتماء إليها،

وبالاندماج الكامل فيها، بغير هذا الشعور بالانتماء وبغير هذا الاندماج، لن يتأتى للمواطن أن يكون فاعلاً ومعطاء داخل مجاله،

وأزمة المدن المعاصرة اليوم تتمثل في أن فئات عريضة من ساكنيها تعيش وضعية التهميش ليس لها اى دور وبالتالي تجد نفسها في حالة غربة قاتلة، إذ لا تكاد تجمعها بمحيطها أية رابطة حميمية غير رابطة العلاقات المادية الجافة ·

انشاء المؤسسة الاجتماعية 

كان من ضمن الاجراءات التنظمية التى قام بها النبى صلى الله وعليه وسلم

بمعنى لمّ شتات قبائل العرب في إطار وحدة اجتماعية متماسكة، (فالمسلم أخو المسلم) بالمؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين في المدينة المنورة


فقد كان من شأن الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة وتدفق الكبير من المهاجرين بشكل مفاجى الى المدينة، على نحو أدى الى ارتفاع محسوس لسكان المدينة بين سكان المدينة والمهاجرين 


امام هذا الوضع كيف تصرف الرسول؟
هناك مشكلة فى السكن 
العمل والتشغيل 
دمج الوافدين الجدد في محيطهم الجديد··· 

كان لجوء الرسول [ بتتأييد وتوفيق من ربه إلى 

عملية الموآخاة بين المهاجرين والانصار 

التزم كل من المهاجرين والأنصار بخلق الأخوة والتعاون، وكانت هذه المؤاخاة أقوى في حقيقتها من أخوة الرحم، وكان الأنصار على مستوى هذه المسئولية، فواسوا إخوانهم المهاجرين، وآثروهم على أنفسهم بخير الدنيا، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ

قال: ( قالت الأنصار للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، قال: لا، فقالوا: تكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة، فقالوا سمعنا وأطعنا )( البخاري ) .
فالأنصار تحملوا إخوانهم بكل طواعية، بل تنافسوا على استضافتهم حتى اقترعوا فيما بينهم من أجل ذلك 



والمهاجرون من جهتهم لم يستغلوا هذا الكرم ولم يعيشوا عالة على إخوانهم، بل إنهم قبلوا هذه الوضعية فقط كمرحلة استثنائية وانتقالية، إذ سرعان ما استطاعوا الاستقلال بأنفسهم بعد أن وظفوا مهاراتهم في المجال التجاري وأصبحوا عناصر فاعلة في أسواق المدينة، 

حيث الأنصاركانوا أهل زرع وضرع 
والمهاجرين أهل شراء وبيع، وبالتالى نشا تكامل اجتماعى حيث ملأ المهاجرون فراغا كان يستغله اليهود في أسواق المدينة كتجار ومرابين·

يحدثنا عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ عما وصلت إليه هذه المؤاخاة فيقول لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيني وبين سعد بن الربيع ، فقال لي سعد : إني أكثر الأنصار مالا فأقسم لك نصف مالي، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، فقال عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك ومالك، لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة ؟ قال سعد : سوق قينقاع ، قال فغدا إليهعبد الرحمن .. إلي آخر الحديث )( البخاري 

وقد شكر المهاجرون للأنصار فعلهم ومواقفهم الرفيعة في الكرم والإيثار، وقالوا يا رسول الله: ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلا في كثير من الأنصار.

ولم يكن سعد بن الربيع منفردا في ذلك عن غيره من الأنصار، بل كان هذا شأن عامة الصحابة، حتى وصلت المؤاخاة إلى درجة أن يتوارث المتآخيان، ثم نسخ هذا التوارث بقول الله عز وجل :{ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }(الأنفال:75)

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار 
علاقة قائمة على :- 

العقيدة أساس البناء : فقد حصر الإسلام الأخوة والموالاة بين المؤمنين فقط، قال تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }(الحجرات: من الآية10)،

وقطع الولاية بين المؤمنين والكافرين، فقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }(المائدة:51)..

ولذلك كان التآخي بين المهاجرين والأنصار مسبوقا بعقيدة التوحيد وقائما عليها، فالعقيدة هي العمود الفقري للمؤاخاة التي حدثت في المدينة، لأن تلك العقيدة تضع الناس كلهم في مصاف العبودية لله دون الاعتبار لأي فارق، إلا فارق التقوى والعمل الصالح، قال تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (الحجرات: من الآية13) .


ومن ثم لم تكن هذه المؤاخاة شعاراً لا يظهر له أثر، بل كانت واقعا قائما على الإيمان بالله، قال تعالى:{ وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }(الحشر:9)..


تعلم الصحابة ذلك وتربوا عليه، فكان ولاؤهم لله ورسوله والمؤمنين، وامتلأ تاريخهم بالمواقف الرائعة التي تدل على فهمهم وتحقيقهم لمعنى الولاء الذي منحوه لخالقهم ولدينهم وإخوانهم..


الحب في الله : فالمؤاخاة على الحب في الله من أقوى الدعائم في بناء الأمة الإسلامية، ولذلك حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تعميق هذا المعنى في المجتمع المسلم الجديد، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي )( مسلم ) . فبالحب في الله أصبحت المؤاخاة عقدا نافذا وعملا يرتبط بالدماء والأموال، لا كلمة تنطق بها الألسنة، ومن ثم كانت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة تمتزج في هذه الأخوة، وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثلة. 


النصيحة بين المتآخين في الله : فقد كان للمؤاخاة أثر في التناصح بين المسلمين،فعن أبي جحيفة عن أبيه قال: ( آخى النبي - صلى الله عليه وسلم – بين سلمان وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذِّلة(قبل نزول الحجاب) 


فقال لها : ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال له : كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن، فصلَّيا، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - صدق سلمان ) ( البخاري ) .

القضاء على الفوارق الجاهلية : كفوارق النسب والقبيلة والجاه وغير ذلك مما كان سائدا في تلك المجتمعات، حيث سادت العصبية وكانت دينا عندهم، فكان من أهداف المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار إذابة هذه الفوارق، لأنها أمراض وآفات تضعف المجتمع، وتحول بينه وبين القوة والتمكين، لأنه من الصعب بل من المستحيل أن تستأنف حياة إسلامية عزيزة قوية إذا لم يحدث التآخي بين أفراد المجتمعات والأمة الإسلامية، ومن ثم كانت المؤاخاة نعمة من نعم الله، ومن أسباب القوة والعزة والثبات أمام الأعداء، قال تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }(آل عمران:103) ..


لقد ساهمت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في تقوية المجتمع المسلم الجديد في المدينة، وبتحقيقها ذابت العصبية وحظوظ النفس، فلا ولاء إلا لله ورسوله والمؤمنين، وأشاعت في المجتمع عواطف ومشاعر الحب، وملأته بأروع الأمثلة من الأخوة والعطاء والتناصح والإيثار، وجعلته جسدا واحدا في السراء والضراء، والآلام والآمال

اخواتى اسمحوا لى بالمقارنة بين ما صنعه النبى وقمت بعرضه وبين حالنا الان

عرفنا ان المسجد فى دولة الاسلام الاولى 

مكان للعباة وتلقى تعاليم الاسلام وتوجيهاته

*ومنتدى تلتقي فيه وتتآلف العناصر القبلية المختلفة 
*قاعدة لإدارة جميع الشؤون.

* وبرلمانا لعقد المجالس الاستشارية التنفيذية 



المسجد فى عصرنا الحالى اقتصر على العبادة فقط 
لم يعد مكان لتعلم العلم / اومكان تتلاقى فيه الجموع وتتالف لازالة اى فوارق
ولم يعد مركز لادارة شئون الدولة او برلمان 


فقد كل هذه المهام 
بالنسبة للبرلمان اصبح نظام الاقتراع لمجموعة تمثل الشعب فى مناقشة شئون الحكم والمهمام التنفيذية 
هذه المجموعة فى الاغلب الاحوال الان تقدم مصالحها الشخصية والسعى وراء سلطة وجاه دون النظر انها تحمل امانة وكلت اليهم 



حجم المقارنة صعب اخواتى الكرام لم اجد مجال للمقارنة
فقد تراجعنا كثيرا 
فى مجال التخطيط العمرانى 
وتنظيم المدن وحجم الشوارع 

اصبح هناك تهميش من السلطة لجموع الشعب 
وما نجده الان فى مصر ومحاولة تهميش دور الشباب والاستهانة بهم 
وعدم النظر لاحتياجات وطلبات هؤلاء الشباب 

اصبح هناك نظام الفوارق بين الطبقات
طبقة راقية جدا وطبقة تحت خط الفقر
لم يعد هناك تكافل اجتماعى
ولم ينجح الحكام فى انشاء مؤسسات اجتماعية على غرار ما فعله النبى 

تراجعنا كثيرا للوراء 
لم يعد امامى غير التكملة لنتعرف على دولة النبى محمد صلى الله وعليه وسلم 

عرفنا اخواتى الكرام ان النبى قام بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار واندمجوا معا ليشكلوا نسيج واحد 
لكن المدينة تجمع سكان اخرين 

كان هناك المشركون (الأوس والخزرج) واليهود، والأعراب الذين كانوا يعيشون على اطراف المدينة، وإذا كان الرسول قد اطمأن إلى الجبهة الإسلامية من خلال عملية الموآخاة، فإنه لأجل احتواء أو ضبط العناصر الأخرى خاصة اليهود، ويأمن جانبهم، عمل على موادعتهم لتكون المدينة كلها، بمن فيها يدا في يد أمام الأعداء من الخارج

هذه المعاهدة او الموادعة تضمنت :_
للجماعة الإسلامية شخصية دينية سياسية مستقلة بها


الحرية الدينية مكفولة للجميع مالم يحصل من طرف ظلم أو إثم·
يتعاون سكان المدينة من مسلمين وغيرهم ماديا وعسكرياً وأدبيا، في الدفاع عن أي عدوان خارجي·


رسول الله هو الرئيس الأعلى لسكان المدينة وإليه يرجعون في كل ما يختلفون فيه·

الأمة تضم الجماعة التي تعتقد عقيدة واحدة بصرف النظر عن اعتبارات القرابة أو الأرض أو النسب أو اللغة··· فالمسلمون يؤلفون أمة واحدة واليهود يؤلفون أمة واحدة··· وتألف هذه الأمة كلها المجتمع الإسلامي الذي يخضع لنظام الإسلام·
ما نراه الان
تفاقم الفوارق الاجتماعية و البطالة والتهميش وفي أزمة تلوث البيئة وفي تدهور الجانب الأمني··· ما هى الا 

ترجمة لفقدان المدينة لمجموعة من وظائفها (الاجتماعية·· التربوية··) 

اخواتى الان نتعرف على شكل الاقتصاد فى هذه الدولة 

نتعرف على حالة أهل المدينة قبل مجيء رسول الله عليه الصلاة والسلام :

1 – حال الناس من حيث النشاط الاقتصادي :
كان اليهود يسيطرون على موارد التجارة ، ويتعاملون بالربا ، ويتحكمون بالأسعار ، وكان عامة الناس ما بين مزارع ، وراعٍ للشياه والإبل ، وصيّاد ، وصانع ، وجامع للحطب ، هكذا كان وضع الاقتصاد قبل مجيء رسول الله .

2 – اليهود كانوا يتحكّمون في الاقتصاد :
هؤلاء الذين يتعاملون في الاقتصاد لا تحكمهم قيم أخلاقية ، ولا شريعة دينية ، إنما يسود بينهم الاستغلال ، والسيطرة ، والغش ، والفساد ، والظلم ، ومع توارث الأساليب القديمة التي وجودوها في مجتمعهم .

3– حاجةُ المدينة إلى الموارد الاقتصادية المادية والبشرية :

وكانت المهمة النبوية شاقة جداً لأن اقتصاد المدينة بحاجة إلى أمرين معاً ،




الأول النهوض بالموارد:- 

، معنى موارد ؛ البترول مورد ، الضرائب مورد ، رسوم العبور مورد ، أرباح الصناعة مورد ، أرباح التجارة مورد ، أرباح الخدمات مورد ، 

وعندنا شيء اسمه الموارد الاقتصادية ، ويقع على رأس هذا المورد الإنسان ، الإنسان أكبر مورد اقتصادي .



عندك محل ، ورأس مال ، وملايين ، لكن ليس هناك خبير ، المال تخسره ، أما الخبير فيشتري البضائع ، ويبيعها ، ويربح .

إذاً : في عالم الاقتصاد يعدُّ الإنسان أكبر مورد بشري ، لذلك الكثافة السكانية ليست ورقةً خاسرة في الاقتصاد ، بل هي ورقة رابحة ، والآن أشد البلاد غنىً أكثرها كثافة 


اليابان مثلاً مورد من ثروات الأرض ، لا بترول ، ولا معادن ، وفيها أكبر كثافة سكانية ، وهي الآن من أغنى دول العالم ، والدخل للمواطن فلكي ، الصين مليار ونصف ، تكاد الآن تلتهم اقتصاد العالم ، وفيها كثافة سكانية عالية جداً ، تايوان ، الهند ، لذلك أكبر مورد اقتصادي هو الإنسان .
بالمناسبة ، الهند حققت أرباحًا قبل عامين بـ 83 مليار دولار من البرمجيات ، كمبيوتر ، تصميم برامج ، وبيعها للعالم الغربي .


النبي الكريم أمام مشكلتين 

أمام مشروع تنمية الموارد الاقتصادية 

وأمام مشروع آخر حسن توزيع الناتج على الإنسان 
حسن توزيع ورفع الناتج .

شيء مألوف جداً أن الاقتصاد وقتها كان يشمل الزراعة ، والصناعة ، والتجارة والصيد ، والثروة الحيوانية ، والنباتية ، والماء ، والري ، والثروات الباطنية ، وطرق النقل ، ووسائل النقل ، والرسوم الجمركية ، والنقد ، هذا الوضع في المدينة قبل أن يأتي النبي ، موارد ضعيفة ، سوء توزيع للدولة .

هناك طرفة : كان بعض الفلاسفة البريطانيين صاحب دعابة ، فكان له لحية كثيفة جداً ، أما رأسه ما فلا شعرة فيه ، فلما سئل قال : وفرة في الإنتاج ، وسوء في التوزيع .
أحياناً يكون النقص في الإنتاج ، وفوق هذا النقص سوء في التوزيع ، لذلك واجه النبي هذه المشكلة ، نقص في الإنتاج ، وسوء في التوزيع ، اليهود مسيطرون ، الأسعار بيدهم ، الربا بيدهم ، الموارد بيديهم .


الآن ما هي الضوابط او القوانين التي أقرها النبي عليه الصلاة والسلام لمعالجة الاقتصاد ؟

أية أمة ما لم تعالج مشكلاتها الاقتصادية هي أمة سوف تدمر ، لأن الإمام علياً كرم الله وجهه أدرك قبل 1400 عام أن الفقر علة العلل ، فقال : << كاد الفقر أن يكون كفراً >> .

لذلك البطولة في تنمية الموارد ، وحسن توزيعها وهذا ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام .

1 – الاقتصاد عبادةٌ تعاملية :

أولاً : من القواعد الاقتصادية التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام أن الاقتصاد دين ، وانشا العبادة التعاملية بمعنى ، ألا تكذب ، ألا تغش ، ألا تدلس ، ألا ترفع السعر ، ألا تستغل ، ألا ترابي ، ألا تحتكر ، ألا تزين السلعة بما ليس فيها ، أكثر من مئة معصية بالبيع والشراء .

فالبطولة أن النبي عليه الصلاة والسلام قرر أن الاقتصاد دين ، أي أن العمل الاقتصادي جزء لا يتجزأ من الدين .


هذه اول قاعدة اقتصادية 
الاقتصاد " دين "

الدين عمل وتعاون حين راى النبى شاباً يتعبد ربه وقت العمل ، فيسأله النبي عليه الصلاة والسلام : من يطعمك ؟ قال : أخي ، قال : أخوك أعبد منك ، أمسك بيد أحد أصحابه ، وكانت خشنة من العمل ، رفعها وقال لأصحابه : هذه اليد يحبها الله ورسوله .

رأى النبي وكان مع أصحابه شاباً ينطلق من بيته إلى عمله فقال بعض أصحابه : لو كان هذا في سبيل الله ، فقال : 
(( من سعى على أهله فهو في سبيل الله ، من سعى على أولاده فهو في سبيل الله )) .
[ ورد في الأثر ]



النبي الكريم أعطى الدين مفهوما واسعا جداً ، وأنت في دكانك تبيع المسلمين بالصدق والأمانة ، تعطيهم سلعة جيدة ، بسعر معتدل ، أنت في عبادة .

وأنت في عيادتك تعالج المرضى بإخلاص وإتقان ، واعتدال في الأجر ، فأنت في عبادة .

وأنت في حقلك تسهم في تخفيف المتاعب عن الأمة ، تقدم لهم الإنتاج الزراعي بشكل جيد ، دون أن يؤذيهم بمواد ممنوع استيرادها ، فأنت في عبادة .

حينما تفهم الإسلام هو الحياة ترى أن الاقتصاد جزء من الدين ، وحينما انفصلت الحياة عند المسلمين عن الدين فصار الدين عبادات فقط ، والحياة لها مجال آخر ، والمسلمون ابتعدوا عن هذا الفهم الصحيح فضعفوا ، ولما ضعفوا تسلط عليهم الأعداء .

لا يمكن أن يحترم دينك إلا إذا تفوقت في دنياك ، مسلم لا عمل له ، متواكل ، يمد يده ، يتضعضع أمام غني ، أهذا هو المسلم ؟! النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى )) .

أما كان المسلمون ضعفاء ، يستوردون كل شيء ، ولا يصنعون شيئاً ، ولا يصدرون شيئاً ، وهم تحت رحمة الدول القوية والغنية ، أكلهم يستورد ، وثيابهم تستورد ، وأدواتهم تستورد ، ولا يبيعونهم السلاح ، هم إذاً تحت حكم أعداءهم ، أليس كذلك ؟.

لذلك سيدنا عمر مر ببلدة فوجئ معظم الفعاليات الاقتصادية فيها من غير المسلمين ، عنفهم ، بل وبّخهم ، فقالوا كما يقول الأغنياء الكسالى : إن الله سخرهم لنا ، والله قال قولة لا أرتوي من تكرارها ، قال لهم : << كيف بكم إذا أصبحتم عبيداً عندهم ؟ >> ، لأن القوي هو المنتج ، والمستهلك ضعيف .

لما ملكوا العلم ملكونا ، 

(( إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه )) . 

لن يحترم دينك إن لم تتفوق في دنياك 


القاعدة الثانية :- الحلال والحرام وفق التشريع الإسلامي 

(( طلب الحلال فريضة بعد الفريضة )) . 
[ رواه الطبراني عن ابن مسعود ]

اتقان العمل اول طريق للتفوق والربح 

اجعلْ همَّك خدمةَ المسلمين 


الطبيب مثلا اجعل همتك أن تشفي هذا الإنسان ، ولا تعبأ بالمال ، يتألق نجمك ، ويتهافت الناس عليك ، فتغدو غنياً ، أما إذا ابتززت أموالهم ، ولم تنصحهم في معالجتهم ، واكتشفوا كذلك انصرفوا عنك .
في شيء دقيق : اجعل همك خدمة المسلمين ، اجعل همك أن تقدم شيئاً ثميناً 
اجعل همك أن تكون قوياً .
دققوا في كلام النبي ، نحن أحياناً ننسى أن هذا الكلام كلام مقدس لكن لا نطبقه لمَ يقول عليه الصلاة والسلام :
(( المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأحَبُّ إلى اللَّهِ تَعالى مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ )) . 

[ رواه مسلم عن أبي هُريرة رضي اللّه عنه ]


قوي بالمال ، قوي بالعلم ، متفوق ، قوي احتل مركز قوي ، 

فلذلك الانسحاب من الحياة ، والتقوقع ، وقولك: الشهادة لا يخرج منها شيء ، وهي يخرج منها كل شيء ، فلان دكتور ، فلان متخصص ، أما لا شهادة ، ولا علم ، ولا عمل حر ، عالة 

لذلك الحلال والحرام من شأن الله وحده ، لذلك الحرام مهما يكن بحجم كبير فاركله بقدمك ، والحلال تشبث به .



((من جلس إلى غني وتضعضع له ذهب ثلثا دينه )) .


[ورد بالأثر ] .

يعني تمسكن ، (( ذهب ثلثا دينه )) .

(( اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس ؛ فإن الأمور تجري بالمقادير )) . 

[ أخرجه ابن عساكر عن عبد الله بن بسر ]


لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه ، المؤمن عزيز ، والعمل شرف للإنسان .
أحياناً أرى أخا يعمل في السيارات ، تزوره في أثناء العمل تجده لابسًا ثيابًا متبذلة ، لا تعرف لونها ، كانت زرقاء بزمانها ، من الشحم والزيت والوحل ما لها لون أساساً ، وعمله بالميكانيك والزيت ، يأتي إلى بيته مساء فيغتسل ، ويلبس ثيابا أخرى ، انتهى ، العمل وسام شرف .

الدين هو الحياة ، المهندس داعية ، والطبيب داعية ، يجب ان يكون لك حرفة متقنة تتفوق بها ، وتكون داعية ، أما أن تتفرغ للدعوة ، ولا معك قرش ، لا تتقن صنعة ، ولا عملا ، ولا أحد يعطيك ، تريد أن تحترم الغني زيادة ، فتبذل ماء وجهك أمامه ، كلما رأيت قويا تنبطح أمامه ، لا ، اعمل ، ارفع رأسك ، متى هونت علينا ديننا ؟ .


القاعدة الثالية المساواة بين أفراد المجتمع .
القاعدة الرابعة الاستثمار 

لماذا فرض الله الزكاة على المسلم ؟ أن هذا المال إن لم تستثمره تأكله الزكاة ، فإن الشرع أراد أن تستثمره لئلا تأكله الزكاة .
لذلك ورد في بعض الأحاديث :

(( اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة )) .
[ أخرجه الطبراني في الأوسط عن أنس ] . 

المنافع المتبادلة 


:إذاً ، معك مبلغ من المال ، اعمل مشروعًا ، ائتِ بإنسان معه خبرة بلا مال ، أنت معك مال بلا خبرة ، وتعاونا على المشروع ، والربح بينكما ، هذه المضاربة ، وكان عليه الصلاة والسلام أول مضارب في الإسلام ، أخذ مال خديجة ، واتجر به ، وكان الربح بينهما .


من ملامح الاقتصاد تحقيق العدالة ، وتوزيع الثروة ، وتحقيق التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع الواحد .

حقُّ المنافسة :
شيء آخر يتصل بالاقتصاد الحر : حق المنافسة بين الناس في الكسب ، وفي الملكية ، التنافس مشروع ، ومن حق المستهلكين التنافس .

إذاً : من مبادئ الاقتصاد التي أرساها النبي عليه الصلاة والسلام حق المنافسة بين الناس في الكسب والملكية ، ولكن ضمن شروط الحلال والحرام ، 
هذه هى القواعد التى ارساها النبى القائد العظيم فى دولة الاسلام

تنمية المجتمع الاسلامى اقتصاديا 
عندنا مهاجرين وفدوا للمدينة يعملون بالصناعة والبعض بالتجارة 
الانصار يتقنون فن الزراعة 

عرض الأنصار على النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا : "‏اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، فقال: لا، فقالوا:‏ ‏تكفونا المئونة ونشرككم في الثمرة، قالوا: سمعنا وأطعنا"‏ رواه البخاري.
اولى المشاريع الاقتصادية


إحياء للأرض استصلاح للارض 
وقد بدأت عملية مزارعة كبرى في المدينة أعقبتها حركة إحياء للأرض الزراعية المهملة وفقا للقاعدة الشرعية التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم "من أحيا أرضا مواتا فهي له" رواه البخاري.
وقد أقطع الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب عيونا بينبع اشتهرت فيما بعد بكثرة إنتاجها، وعمل فيها علي رضي الله عنه بنفسه.
كما أقطع الزبير بن العوام أرضا بالمدينة استثمرها في الزراعة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد اشتهرت الكثير من الأودية التي انتشرت الزارعة بها في عصر الرسول، منها وادي "العقيق" الذي هو أهم أودية المدينة وفيه أموال أهل المدينة ومزارعهم.

كذلك من الأودية المهمة التي استخدمت للزراعة في المدينة
وادي "بطحان" وكانت به مزارع بني النضير وأموالهم، كذلك وادي "مهزوز" كانت به أموال قريظة، ووادي "قناة" وهو ثالث أودية المدينة، ووادي "رانونا".
كذلك من الأودية التي استفيد من أرضها بالزراعة "وادي القرى"، كذلك عرف في الطائف الكثير من الأودية التي استفيد منها بالزراعة، أهمها وادي "وج"، ويقع غرب الطائف، وفيه الكثير من المزارع والبساتين وترفده بعض الأودية الأخرى، كذلك وادي "ليه" ويقع شرق الطائف وبالقرب منها.

نهضة زراعيةولم يكن المهاجرون والأنصار وحدهم الذين أقاموا النهضة الزراعية في المدينة المنورة، بل كان ضمن العاملين بالزراعة في المدنية المنورة، (وغيرها من مدن الحجاز) شباب آخرون من الأجانب الذين أسلموا والتحقوا بالمدينة، سوريون أو مصريون أو رومانيون أو عراقيون.

كفالة المهاجرين
وعندما دخل الرسول المدينة وأقام سبعة أشهر في بيت أبي أيوب الأنصاري، قام الأنصار بالتنازل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل فضل كان في خططهم.. حتى يتمكن من تنظيم المدينة تنظيما يسمح بكفالة إخوانهم المهاجرين، بل إنهم -رضي الله عنهم- قالوا للرسول: يا نبي الله: إن شئت فخذ منازلنا.. فشكر الرسول لهم قولهم.
وقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة (نقيب النقباء) أن يبيعه أرضا متصلة بالمسجد الذي كان أسعد قد بناه لنفسه، فعرض عليه أسعد أن يأخذها الرسول هبة منه، لكنه رفض، ليقيم الموازين القانونية في التعامل، ودفع ثمنها عشرة دنانير أداها من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

تنظيم الريواعتمادا على تفويض الأنصار -رضي الله عنهم- للرسول في تنظيم أرض المدينة واقتصادها، بحيث يتحقق نسيج جديد إسلامي (إخائي) للمجتمع الجديد، قام الرسول بتوجيه التعامل مع "الماء والزرع" تعاملا يكفل أقصى الفعالية.
فعندما قال له بنو حارثة من الأنصار: "يا رسول الله ها هنا مسارح إبلنا ومرعى غنمنا ومخرج نسائنا -يعنون موضع السقاية- قال لهم الرسول: من قطع شجرة فليغرس مكانها، فغرسنا الغابة".
وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وادي مهزور أن يحبس الماء في الأرض إلى الكعبين ثم يرسل إلى الأخرى، لا يمنع الأعلى الأسفل، (وهي عملية داخلة في باب تنظيم المياه بالنسبة للزراعة) وفي هذا لإطار ورد -أيضا- عن عبد الرحمن بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور أن الأعلى يمسك على من أسفل منه، حتى يبلغ الكعبين ثم يرسله على من أسفل منه.


وفيما يتعلق بالأرض ومعادنها أو زراعتها :_

قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتوزيع الأرض المتروكة في المدينة على الصحابة، فأقطع عليه السلام بلال بن الحارث معادن بناحية الفروع، أي أرضا فيها معادن.
وعن جعفر بن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع عليا رضي الله عنه أربع أرضين: الفقيرين، وبئر قيس، والشجرة.


وعن أبي عكرمة مولى بلال بن الحارث المزني قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أرضا فيها جبل ومعدن، فباع بنو بلال عمر بن عبد العزيز أرضا منها، فظهر فيها معدن أو قال معدنان، فقالوا: إنما بعناك أرض حرث، ولم نبعك المعادن.
وجاءوا بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في جريدة، فقبلها عمر، ومسح بها عينه، وقال لقيمه: انظر ما خرج منها وما أنفقت وقاصهم بالنفقة ورد عليهم الفضل.

وهكذا قام الرسول صلى الله عليه وسلم كنبي وقائد دولة بتنظيم المياه والأرض، والأسواق، وتشجيع الزراعات والمهن والحرف، بحيث تحقق لدولة المدينة كيان اقتصادي يواجه المسلمون من خلاله اليهود الذين كانوا يريدون احتكار عصب الاقتصاد في الداخل، ويواجهون -كذلك- الكيانات الاقتصادية الخارجية 

التجارة كانت تأتي في المقام الثَّاني بعد الزراعة في المدينة


وقد قامتْ لأجل ذلك أسواقٌ عدَّة في المدينة؛ لتصْريف تلك المنتجات وتبادُل السِّلَع، ومن تِلك الأسواق سوق زبالة شمال المدينة، وسوق الجسر في بني قينقاع


وكانت تُعْرَف باسمهم فيُقال لها سوق بني قينقاع،
ومن أسواق يثرب أيضًا سوق الربذة 

عمل النبى ان يكون للمسلمين سوقًا خاصَّة بهم، فأنشأ سوقًا جديدة جعلها مباحة لجميع المسلمين لا يُؤخذ منها ضريبة، وجعلها صدقةً عليهم وأطلقت على هذه السوق أسماء كثيرة
فكان يُقال لها بقيع الخيل، كما أطلق عليها أيضًا اسم البطحاء وسمِّيت كذلك بسوق حرض.

وقد عمل الأنصار في التِّجارة الداخلية والخارجية أيضًا.
وممَّن عُرِفوا بالتجارة - أبو معلق الأنصاري والبراء بن عازب، وزيد بن الأرقم

ويبدو أنَّ المهاجرين استطاعوا بعد فترة وجيزة من إقامتهم بالمدينة أن ينشطوا في أسواقها التجارية، وذلك بسبب ما عرف عنهم من مهارة فائقة في تصْريف أمور التجارة، فقد حقق كثيرٌ منهم أرباحًا ومكاسب هائلة في وقت قصير، واشتهر جماعة من كبار المهاجرين بالتجارة في المدينة، نذكر منهم على سبيل المثال: أبا بكر الصدّيق وعمر بن الخطَّاب وعثمان بن عفَّان وعبدالرحمن بن عوف.


الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يشجّع عامَّة المسلمين على مزاولة التجارة، ويبدو أنَّ السَّبب الذي دفع الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى ذلك هو قلَّة موارد المسلمين المالية في المدينة، وما كان يعانيه المسلمون من ضائقة ماليَّة شديدة



قد لا يستطيعون التغلّب عليْها إلاّ بالعمل بالتجارة؛ ذلك لما عُرِف من مكاسبها العظيمة، وكان المسلمون بحاجة إلى موارد اقتِصاديَّة مستمرَّة ليتمكَّنوا من مجابهة أعدائِهم الأقوياء اقتصاديًّا، كاليهود في داخل المدينة وقريش وحلفائها في خارجها.

وقد تجلَّى موقف رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من تشجيع التجارة عندما خرج وأصحابه من مهاجرين وأنصار للِقاء أبي سفيان بن حرب يوم بدر وكانت بدر مكانًا يجتمع فيه العرب، وتقام به أسواقهم الموسمية.



فخرج المسلمون مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بتجارة وبضائع، فوصلوا بدرًا ليلة قيام ذلك السوق، وأقاموا بها ثمانية أيَّام يبيعون ويشترون ويعقدون الصَّفقات

كما روي عن عثمان بن عفَّان - رضي الله عنه - أنَّه قال: "فلقد خرجت ببضاعة إلى موسم بدر فربحت للدّينار دينارًا فرجعنا بخيرٍ وفضْل من ربِّنا


وكان التجَّار المسلمون من مهاجرين وأنصار لا يضيِّعون فرصة يستطيعون العمل من خلالها على تنمية مواردهم الماليَّة وعقد الصفقات التّجاريَّة، فيُروى أنَّهم كانوا يتاجرون أحيانًا أثناء خروجهم للغزْو، وحدث ذلك في غزوتَي خيبر وتبوك]، كما يروي دحية بن خليفة الكلبي، الذي بعثه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بكتاب إلى عظيم بصرى، ليسلمه بدوره إلى قيصر الروم، قد خرج بعد انتهاء مهمَّته إلى أسواق بصرى، وعاد محمَّلاً بتجارة وبضائع من تلك البلاد.

الصناعة فى عهد النبى 
1- الحدادة :الحدادة هي معالجة الحديد وتشكيله بأشكال مطلوبة للانتفاع بها ويسمى عامل ذلك ( الحداّد ) . 
الحدادون الذين عاصروا الرسول فنجد منهم الصحابي الجليل ( خباب بن الأرت )وكان يعمل للناس كثيراً من الحاجات من السلاح والأواني , 

وقد كان منهم أيضاً أبو سيف وهو قين في المدينة من الأنصار زوج ام سيف مرضعة ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ,
ومما يدل على كثرة الحدادين في الحجاز في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرسول حين أفتتح خيبر احضر منها ثلاثين حداداً وجعلهم في المدينة يصنعون للناس وينتفع بهم الناس في عمل كثير من حاجاتهم , وهذا العدد يدل على عظم الحدادة 


وقد كان هؤلاء الصنّاع يلبون حاجات المزارعين من آلات تفيدهم في الزراعة كالمسحاة والفأس وغيرها وهي مما يستفاد منها في البناء والحفر أيضا . 

كما انهم كانوا يقومون بصناعة وصيانة الأسلحة المختلفة فهم يصنعون السيوف والسكاكين ويصقلونها , ويصنعون الخناجر , كما انهم كانوا يقومون بصنع الدروع والمغافر وما يتعلق بها من اسلحة الدفاع عن النفس , كما يقومون بصناعة الرءوس الحديدية والسهام وصقلها بطريقة معينة .

كما يقومون بصناعة الكثير من الحاجيات والأواني مما تحتاج إليه المنازل كالقدور وغيرها , 


أما أدوات الحدادة فكانت معروفه لدى حدادي الحجاز في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولولا معرفتهم بهذه الأدوات المساعدة لهم في عملهم ما تمكنوا من هذه الصنعة .
فهم يعرفون ( الكير ) وهو جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيه الحداد وقد يكون مبنياً من الطين ويسمى ( كور ) وهو يساعد على رفع درجة حرارة النار التي يحمى عليها الحديد فتساعد على تليين الحديد 


كما عرفوا المطرقة بل صنعوها أيضاً بأشكال مختلفة تلبي مختلف الحاجات وعرفوا أدوات أخرى تساعدهم في صنعتهم , فكانوا يلبون حاجات الناس المختلفة بخبراتهم القليلة وما يتوفر في بيئتهم .
التعدين :هو أستخراج المعادن الخام من مناجمها وتنقيتها والاستفادة منها , ( أبا الحصين السلمي ) قدم بذهب من معدن فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم , وهو يطلقون لفظة ( معدن ) ويريدون به المنجم أو ما يؤخذ منه المعدن .
كما ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقطع ( بلال بن الحارث المزني ) معادن القبيلة , وهي من اعمال الفرع بالمدينة وهي جبال بين المدينة وينبع , وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً بذلك , وقد كان من المعادن المعروفه والمستغلة منذ القدم معدن ( فران ) وهو لبني سليم وهو فيما نجد والحجاز , وهو منجم للذهب ويسمى عند المؤرخين معدن بني سليم ويسمى حالياً ( مهد الذهب ) وقد طور أخيراً بحيث يخرج كميات كبيرة من الذهب .
وكان هناك معدن لبني كلاب قرب المدينة يقال له ( الأحسن ) , وهناك معدن بناحية الفرع على مقربة من المدينة يقال له ( بحران )

يتبع الى الجزء الثاني 


جديد قسم : الروضه

إرسال تعليق